responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3273
[بَابُ فَضْلِ الْفُقَرَاءِ وَمَا كَانَ مِنْ عَيْشِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]

5229 - 5230 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي خَلَّادٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «إِذَا رَأَيْتُمُ الْعَبْدَ يُعْطِي زُهْدًا فِي الدُّنْيَا، وَقِلَّةَ مَنْطِقٍ فَاقْتَرِبُوا مِنْهُ ; فَإِنَّهُ يُلْقِي الْحِكْمَةَ» ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي (شُعَبِ الْإِيمَانِ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
5229 - 5230 - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي خَلَّادٍ) : بِتَشْدِيدِ اللَّامِ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ: أَبُو خَلَّادٍ رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَمْ أَقِفْ لَهُ عَلَى اسْمٍ وَلَا نِسْبَةٍ، حَدِيثُهُ عِنْدَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ أَبِي خَلَّادٍ قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ الْمُؤْمِنَ قَدْ أُعْطِيَ زُهْدًا فِي الدُّنْيَا وَقِلَّةَ مَنْطِقٍ فَاقْتَرِبُوا مِنْهُ، فَإِنَّهُ يُلْقِي الْحِكْمَةَ» . وَفِي رِوَايَةٍ مِثْلُهُ، وَلَكِنْ بَيْنَ أَبِي فَرْوَةَ وَأَبِي خَلَّادٍ أَبُو مَرْيَمَ، وَهَذَا أَصَحُّ انْتَهَى. فَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مُنْقَطِعٌ أَوْ مُتَّصِلٌ، وَأَنَّهُ أَرَادَ بِرِوَايَةِ مِثْلِهِ مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: (إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " إِذَا رَأَيْتُمُ الْعَبْدَ يُعْطِي زُهْدًا ") أَيْ: قِلَّةَ رَغْبَةٍ (" فِي الدُّنْيَا وَقِلَّةَ مَنْطِقٍ ") أَيِ اللَّغْوِ وَالْهَوَى (" فَاقْتَرِبُوا مِنْهُ ") أَيِ: اطْلُبُوا الْقُرْبَ مِنْهُ، وَالْتَمِسُوا فِي مُجَالَسَتِهِ الْقُرْبَى إِلَى الْمَوْلَى (" فَإِنَّهُ يُلَقَّى ") : بِتَشْدِيدِ الْقَافِ الْمَفْتُوحَةِ وَفِي نُسْخَةٍ بِتَخْفِيفِهَا أَيْ: يُلَقَّنُ وَيُؤْتَى (" الْحِكْمَةَ ") أَيِ: الْمَوْعِظَةَ الْمُطَابِقَةَ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى. {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [البقرة: 269] وَالْحِكْمَةُ فِي الْحَقِيقَةِ إِتْقَانُ الْعَمَلِ وَالْعَمَلُ عَلَى سَبِيلِ الشَّرِيعَةِ وَالطَّرِيقَةِ وَصَاحِبُهَا بِحُكْمِ حَدِيثِ مَنْ أَخْلَصَ لِلَّهِ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا أَظْهَرَ اللَّهُ يَنَابِيعَ الْحِكْمَةِ مِنْ قَلْبِهِ عَلَى لِسَانِهِ، هُوَ الْعَالِمُ الْعَامِلُ الْمُخْلِصُ الْكَامِلُ يَكُونُ مُرْشِدًا مُكَمِّلًا، فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَطْلُبَ مُجَالَسَتَهُ وَيَخُصَّ مُحَادَثَتَهُ قَالَ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119] أَيْ: قَالًا وَحَالًا. وَقَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ: اصْحَبُوا مَعَ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ تُطِيقُوا فَاصْحَبُوا مَعَ مَنْ يَصْحَبُ مَعَ اللَّهِ، وَعَلَامَةُ صِحَّةِ أَحْوَالِهِ بَعْدَ تَصْحِيحِ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ مِنْ عَلَامَةِ انْشِرَاحِ الصَّدْرِ بِحَيْثُ تُؤْثَرُ صُحْبَتُهُ فِي جَمِيعِ الْأَمْرِ، وَيَزْهَدُ أَصْحَابُهُ فِي الدُّنْيَا وَتَوَابِعِهَا مِنْ تَحْصِيلِ الْمَالِ وَالْجَاهِ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ الْمُوَصِّلَةِ إِلَى دَارِ الْعُقْبَى، بَلْ يَجْعَلُهُمْ فَارِغِينَ عَنْ أُمُورِ الْكَوْنَيْنِ عَلَى مَا أَشَارَ إِلَيْهِ خُلْعَ النَّعْلَيْنِ، غَائِبِينَ عَنِ السِّوَى، حَاضِرِينَ فِي حَضْرَةِ الْمَوْلَى، ذَاهِلِينَ عَنْ مُرَاقَبَةِ الْفَنَاءِ، وَاصِلِينَ إِلَى مُشَاهَدَةِ الْبَقَاءِ، حَاصِلِينَ فِي الْجَنَّةِ الْعَاجِلَةِ عَلَى لَذَّةِ الْبَقَاءِ، فَهَذَا الْعَارِفُ حِينَئِذٍ خَلِيفَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَقَائِمٌ مَقَامَ الْأَوْلِيَاءِ الْأَصْفِيَاءِ رَزَقَنَا اللَّهُ رُؤْيَتَهُ وَخِدْمَتَهُ وَصُحْبَتَهُ. (رَوَاهُمَا) أَيِ الْحَدِيثَيْنِ (الْبَيْهَقِيُّ فِي: " شُعَبِ الْإِيمَانِ ") .
وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي الزُّهْدِ، وَالْفِرْيَابِيُّ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَبُو حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَدَايِنِيِّ رَجُلٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَلَيْسَ هُوَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ قَالَ: «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ؟ فَقَالَ: " أَكْثَرُهُمْ ذِكْرًا لِلْمَوْتِ وَأَحْسَنُهُمْ لِمَا بَعْدَهُ اسْتِعْدَادًا " قَالَ: وَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} [الأنعام: 125] قَالُوا: كَيْفَ يُشْرَحُ صَدْرُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ " نُورٌ يُقْذَفُ فِيهِ فَيَنْشَرِحَ لَهُ وَيَنْفَسِحَ لَهُ " قَالُوا: فَهَلْ لِذَلِكَ مِنْ أَمَارَةٍ يُعْرَفُ بِهَا؟ قَالَ: " الْإِنَابَةُ إِلَى دَارِ الْخُلُودِ وَالتَّجَافِي عَنْ دَارِ الْغُرُورِ وَالِاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ قَبْلَ لِقَاءِ الْمَوْتِ» " وَفِي رِوَايَةٍ قَبْلَ نُزُولِ الْمَوْتِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} [الأنعام: 125] يَقُولُ: يُوَسِّعُ قَلْبَهُ لِلتَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ بِهِ {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} [الأنعام: 125] يَقُولُ: شَاكًّا {كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} [الأنعام: 125] يَقُولُ كَمَا لَا يَسْتَطِيعُ ابْنُ آدَمَ أَنْ يَبْلُغَ السَّمَاءَ، فَكَذَلِكَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَدْخُلَ التَّوْحِيدُ وَالْإِيمَانُ قَلْبَهُ حَتَّى يُدْخِلَهُ اللَّهُ فِي قَلْبِهِ، وَلِلْحَدِيثِ فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ طُرُقٌ كَثِيرَةٌ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3273
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست